نص الاستشارة:
فضيلة الشيخ غير خاف عليك ما تكتسبه اللغة العربية من أهمية، غير أننا في الفترة الأخيرة نلحظ عزوفا بين الشباب عن تعلمها أو التخاطب بها بحجة أنها لغة صعبة وثقيلة وغير قادرة على مسايرة العصر في كثير من العلوم... هل كل تلك الدعاوى صحيحة وكيف نتعامل مع أصحابها؟
الرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن اللغة بالنسبة لكل أمة بمثابة اللوح الذي تسطر عليه تاريخها وحضارتها ومساهماتها في النمو البشري والإنساني.
يبقى أن ندرك أن كل أمة مهزومة لابد وأن تعيش حالة من التقليد والانبهار الحضاري بمن غلبها.
وتذهب في محاكاته والسير على نهجه في كل مناحي الحياة ظنا من البعض أن سبب الهزيمة هو حضارتنا غير المتمدنة التي جوبهت بحضارة قوية مهيمنة.
وكل ذلك من أباطيل المتخاذلين والانهزاميين فلغتنا- بحمد الله- هي أقدر اللغات على البقاء وهي محفوظة بحفظ الله، فهي وعاء القرآن الكريم الذي قال الله عنه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] وما دامت اللغة وعاء لهذا الكتاب فهي محفوظة بحفظه... وكل العارفين بتلك اللغات الوافدة مجمعون على أنها لغات عقيمة وغير قادرة على الثبات... والذي يهمنا هو أن يعي شبابنا أن لغتهم قادرة على البقاء وأن فيها من الأساليب والصور والأخيلة والجمال ما يجعلها قادرة على التقدم على كل لغات أهل الدنيا.
ولكن من جهل شيئا عاداه فبسبب الجهل فر الناس من اللغة وقوانينها إلى الرطانات الأعجمية التي يروج لها أصحابها آناء الليل وأطراف النهار... وإنه لمن أوجب الواجبات على الدول والشعوب الإسلامية أن تهب لنصرة لغة القرآن الكريم... ولكن ما عساك أن تقول لأناس جهلوا ما يكاد لهم فطفقوا يلهثون خلف سراب بقيعة.
وأول واجب على المصلحين هو تصحيح المفاهيم المغلوطة، ثم إن تعلم اللغات الأجنبية لا يعد مبررا للعزوف عن اللغة العربية، ولعل في الجمع بين عدد من اللغات فائدة عظيمة لنشر الدعوة والخير بين شعوب الأرض... والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المصدر: موقع رسالة المرأة.